Sunday, 1 February 2015

أمك أرّق وأنعم …فَلْتُسْعِدْهَا …تنغمِر في رضاها

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كل شعرة على فروة رأسك، كل شعيرة  من دورتك الدموية، كل خلية من أصناف خلاياك، كل قطعة لحم من كتلة جسدك، وكل ذرة قوة تحرّك بها نفسك، ما هي إلأ قرض اقترضتَه

من رحم والدتك. وقد حان موعد السداد، فهل لك أن ترد الدين؟

لقد عمّرتْ أمك بإخلاص، كيانك في تزايد لم تنقص منه شيئا، وكأنها تحمّل ملفات بنائية منها وإليك،  كأنها ترحل من بيت كانت قد استأجرته من أجلها، ثم أشفقت عليك فحوّلته وكتبت البيت الذي كان لها باسمك؛ فلا تدعها ترحل عن بيتها، ضمها إليك لتسكن معك في نفس

البيت، تشاركك أركانه ومساحاته لتتعانق فيه أنفاسكما. واخفض لها جناحك لتتدفّأ بحنانك وعطفك ولطفك. إنها أمدتك بما لم يمدك به أحد من البشر، إنها أمك التي تحبك ، إنها أنعم وأرّق من كل ما يشهد له البشر أنه رقيق وناعم.


و حتما لن يكون لجسدها أن ينهار بعدما قرّرتَ ترميم أجزائه بإمدادات وعطايا تؤثرها بها على نفسك، ستمنع بصنيعك هذا انهيارا كان على وشك الحدوث فوق بنيانها الضعيف الساكن الذي ذاق كل أنواع الأذى، فهي لم يُر لها تنهدات، ولاشكوى برغم ما لقيَتْه ولم تحاول يوما انتزاع واستعادة ما أحطَتْك به من نِعم.

إنه لبها الذي انتقل إليك بما ينقل الولد عن أمه، أخبَرَك بآهاتها وما تتجرعه من ألم ،لتبصره عينك وتستوعبه عين الولد البار، الذي تكتحل برؤيتها عينه منتبها، تستوقفه دمعاته المتكلمة بالصدق المعبّر. تذكّره مُدركا بأمه التي وقفت إلى جانبه في أشّد الظروف لم تهجره يتيما صغيرا ولم تحقره مبتلى كبيرا، بل قدّمت شبابها بساطا له في صغره وأغدقت عليه بأموالها في حاجة لحقت به عند كِبَره، وساندَته بأخلاقها الرقراقة العبقة ،وبحنكتها وفطرتها السوية.

ألا يا من تنظر وتتأمل في وجه أمك الطاهرة، استعدادا لأمر مهيب جلل، خصصتَ فيه طاقة تنفذها في الحين لا تؤجلها، تعتزم بها دعمها لينشأ الوصول إلى أن تحوّل يديك الاثنتين إلى مائة يد أو أكثر، فتكون جَرَّاحَها التجميلي ،فتفحصها وترمّم كل خط قد وقّعته التجاعيد على خدها علامة وتبيانا لما قدمَته لك طوال حياتها.

كما وتلتزم حقيقة أن تحوّل عينيك الاثنتين إلى ما فوق المائة عين، لتبصر حوائجها دون أن تنطق بها ،وتتوقع من أذنيك الاثنتين أن تتحوّلا إلى ألف أذن فماأكثر، تسمع بها لأمك فتطيع وتسمع منها فتلبي أمرها

 تستجيب لها لا تعارض أية رغبة من رغباتها، تسجيلا منك لنقلة نوعية في حياتها تمتلئ متعة ونشاطا وترتيبا،تختفي خلالها الأعباء الثقيلة، يزول بها الطنين من أذنها، ويصلح حال العضلات من فكها، وتسترد الروح عندها عافيتها، يقوم رضاها رضا الأم في مقام الشهادة يشهد لك ببِرك وإحسانك لها لتثبُت البركات والحسنات نورا وهدى على أغصان أشجارك الطيبة.

 

No comments:

Post a Comment